الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011






هل تخرج الازمة اليونان من  «اليورو»  ؟؟

تئن اليونان من ويلات ديونها السيادية وضيق ذات اليد، فمهد الحضارات والديموقراطية والفلسفة، تعاني اليوم رسميا وشعبيا من ضغوطات البرامج المالية التقشفية المفروضة عليها ومن شبح التعثر. يصف خبراء المال الظروف المالية الحالية التي تقاسي منها اليونان بأنها تشبه الى حد ما أعراض المصرف الاستثماري الأميركي الكبير «ليمان بروذرز» عندما وقع ضحية تصرفاته المالية اللامنظمة وصفقاته المشتقاتية سنة 2008 أثناء تحرير الاقتصاد الأميركي من قيوده المالية إبّان الأزمة المالية. فقد كانت صفقات «البنك» المليارية تفتقر إلى الشفافية وعدم قدرته على تحمّله ديونا مثقلة وغيره من الأنشطة المنضبطة.
ومع تدهور بلاد سقراط وأفلاطون ماليا، خفضت وكالة الائتمان «موديز» أخيرا تصنيف أكبر البنوك الفرنسية المنكشفة على اليونان، مهدّدة استقرار منطقة اليورو واتحادها والاقتصاد العالمي.
قدم الترويكا الأوروبي وصندوق النقد لأثينا سنة 2010 حزمة الإنقاذ الأولى (110 مليارات يورو) لمدة ثلاث سنوات. عند تطبيق بنود سداد الدين تطورت تعقيدات مفاجئة بين اليونان وأعضاء «الاتحاد» الذين يشكون عدم جدية اليونان في تنفيذ الإصلاحات والإجراءات المطلوبة. مفاوضات حزمة الإنقاذ الثانية الجديدة الجارية (159 مليار يورو) تبدو أشد صعوبة وتعقيدا من الأولى.
فإذا لم يُقَدّم للإغريقية الأنيقة حزمة الإنقاذ المناسبة والسريعة، فإنها ربما ستتخلف عن دفع ديونها Default وتتعثر، فتنهار وقد تضطر للخروج من منطقة اليورو. اقترح «روسلر» قائد الحزب الديموقراطي الحر المشارك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا بأن على اليونان أن تتعثر بطريقة منظمة مما أربك الأسواق وناقض رأي المستشارة «ميركل» التي ترى ضرورة إنقاذ اليونان. أما إذا ما وصلت عدوى اليونان الى ايطاليا وأسبانيا، فسيكون وقعها كارثيا. فعلى اليونان إذاً دور محوري وذلك بتشذيب بيروقراطيتها وإصلاح نظام ضرائبها وتحرير أسواق عمالتها وتطبيق الإصلاحات الضرورية الأخرى التي أقرها الاتحاد الأوروبي وبنكه المركزي مع صندوق النقد.
الأزمة الاقتصادية الأوروبية الحالية هي في المقام الأول أزمة ثقة بين 17 دولة في منطقة اليورو، هذه الثقة الحاضرة الغائبة أفرزت مشاعر التشاؤم والتقوقع الداخلي.
بدلا من الانفراج الجماعي والعمل بمبادئه. الجانب السلبي الآخر من الأزمة هو غياب قيادة أوروبية واحدة واضحة المعالم تتحدث بصوت واحد وتمثل دول اليورو مجتمعة. يرجع ذلك إما الى أسباب انتخابية أو حسد وغيرة أو عدم اكتراث الغير مسببا الفوضى والفساد في البلاد.
إذاً كيف سيستقيم لليورو حال وتهدأ الأحوال ووحدة سياساته المالية أمرٌ محال؟
ففيما تتصاعد أزمة الديون الأوروبية ضاربة أطنابها في منطقتها، اجتمع زعماء أوروبيون سابقون (شرويدر، غونزاليس، بلير) وآخرون هذا الشهر في بروكسل ووقعوا على وثيقة سياسية تنادي بفدرالية أوروبية مالية وبنظام ضرائبي موحد وقوي مع سندات أوروبية (التي تعارضها ألمانيا).
يقول المثل «ما حكّ ظهرك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك»، فلماذا لا يكون حل مشكلة أوروبا أوروبياً بدلا من الاقتراض من العالم (صندوق النقد)؟ فقد أكد على هذا المعنى «غانغ» نائب محافظ البنك المركزي الصيني حين قال: «الحل الحقيقي لأزمة الديون السيادية الأوروبية يجب أن يقوم به الأوروبيون أنفسهم».
وبما أنه لا يتواجد الآن على الساحة السياسية الأوروبية قيادة واحدة واضحة بل أصوات رئاسية منفردة هنا وهناك، فلماذا لا يتعاون البنك المركزي الأوروبي الحكيم (ECB) بالتشاور والتنسيق مع المفوضية الأوروبية لسد ذلك الفراغ السياسي البالغ الأهمية، مستمداً قواه بتفويض من برلمانات أوروبا ورؤسائها، ساعيا إلى تحقيق هدف توحيد أوروبا القوية مستقبلا التي قوامها نصف مليار نسمة، وكما يحلو للبعض تسميتها بالولايات المتحدة الأوروبية USE؟

مقال منقول بقلم الكاتب \  حامد السيد يوسف الغربللي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق